arenfr
الأربعاء, 23 آب/أغسطس 2017 13:19

مفهـــــوم الثقـــــافــــة الإســـــلامـــية

كتبه
قيم الموضوع
(9 أصوات)

 

يجدر  بنا وقد احتوى هذا  الفصل على كلمة "الثقافة" أن نقف معها وقفة من حيث تعريفها لغة واصطلاحا قبل التكلم عن تاريخ وصول الإسلام إلى الصحراء وبالتحديد شمال النيجر ( آيير أزواغ ) مجال البحث.

ومع تعدد التعريفات التي حظي بها مصطلح " الثقافة " عند كثير من المفكرين والباحثين إلا أنه يصعب تحديد التعريف الدقيق لها من بين تلك التعابير المتداخلة في معانيها والمتلاقية أحيانا في بعض الألفاظ بل بعضها يقترب من وحدة المعنى ، وعليه سأشير هنا إلى جانب منها يفي بالغرض واترك الباقي :

مفهوم "الثقافة" لغة واصطلاحا:

أولا تعريف كلمة " الثقافة"  في اللغة العربية :

ترد كلمة الثقافة ومشتقاتها في اللغة العربية لعدة معان، منها الحذق والفطنة وسرعة أخذ العلم وفهمه ، والتهذيب وتقويم المعوج من الأشياء، ثقف الرجل ثقفا وثقافة، أي صار حذقا فطنا، وثقفت العلم أو الصناعة في أوجز مدة إذا أسرع أخذه ، ويقال : ثقفت الصبي ، أي أدبه وهذبه وثقف الرماح : أي سواها وقوم اعوجاجها.[1]

وقد تستعمل كلمة " الثقافة" بمعنى الأخذ والإدراك والظفر، فقد جاء ذلك في قوله تعالى: ( ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا) و قوله: ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) وفي قوله : ( فإما تثقفنهم  في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون).

ويتضح لنا من عرض تلك المعاني المتعددة لكلمة " الثقافة " في اللغة العربية أنها تستعمل في الأمور المعنوية، كما أنها تستعمل في الأمور الحسية، غير أن دلالتها على الأمور المعنوية العقلية اكثر من دلالتها على الحسيات. [2]

ثانيا : تعريف كلمة الثقافة في الاصطلاح :

لم نجد عند علماء العربية والإسلام في الزمن الماضي مفهوما اصطلاحيا للثقافة، وقد يرجع السبب في ذلك إلى أن هذه الكلمة لم تكن شائعة الاستعمال في زمانهم.

فلم نجدهم ينعتون العلماء أو الباحثين بها، كما أنهم لم يتناولوها بدراسة مستقلة.

وحين دخلت الثقافة الإسلامية كعلم في حياة المسلمين المعاصرة انتشر التعبير بهذه الكلمة فأصبحنا نصف فلانا بأنه مثقف أو واسع الثقافة، وأصبحت لدينا مؤتمرات ثقافية وندوات ثقافية وكتب موسوعات ثقافية.

وعلى هذا جاء تعريف الثقافة بالمعنى الاصطلاحي تعريفا حديثا علي يد المجمع اللغوي الذي عرفها بأنها:

( جملة العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق بها .) وعرفها بعض التربويين بانها:

( مجموعة الأفكار والمثل والمعتقدات والعادات والتقاليد والمهارات وطرق التفكير ووسائل الاتصال والانتقال وطبيعة المؤسسات الاجتماعية في المجتمع الواحد). [3] وقد عرفها أنور الجندي بانها: ذلك الكل المركب الذي يتضمن العقائد والمعارف والفنون والقوانين والعادات.[4]

أما مصطلح الثقافة الإسلامية فلم يوجد حتى الآن تعريف محدد ومتفق عليه لمصطلح الثقافة الإسلامية، وإنما هي اجتهادات من بعض العلماء والمفكرين، فمنهم من عرفها بأنها: ( معرفة مقومات الأمة الإسلامية العامة بتفاعلاتها في الماضي والحاضر من دين ولغة وتاريخ وحضارة وقيم وأهداف مشتركة [5]. ومنهم من عرفها بأنها: ( معرفة التحديات المعاصرة المتعلقة بمقومات الأمة الإسلامية ومقومات الدين الإسلامي).  ومنهم من عرفها بأنها: [6] ( العلم بمناهج الإسلام الشمولي في القيم والنظم والفكر ونقد التراث الإنساني فيها).

والثقافة عند التوارق شأنها شأن أية ثقافة في العالم مرت بمراحل متباينة من الخلق والإبداع، فقد ازدهرت أحيانا وتراجعت أحيانا أخرى كما عرفت عدة تأثيرات خارجية ترجع أساسا إلى عامل الاختلاط والاحتكاك بثقافات الشعوب الأخرى، مما جعل الثقافة التارقية تتأثر بالعديد من الثقافات التي ما زالت بصماتها واضحة ولا سيما في مجال اللغة.[7]

وقد تأثرت الثقافة التارقية بالثقافة العربية والإسلامية بشكل أكبر وأقوى، حيث يزخر التراث الأدب التارقي باللغتين التارقية والعربية بأشعار قصص تناولت البيئة الصحراوية ووصفها وصفا دقيقا بليغا، كما تمكن التارقي من حفظ المتون الفقهية والمنظومات والقصائد ومنظومات النحو والصرف والسيرة والعقيدة، ومن العوامل المساعدة على ذلك الذكاء الحاد والاستعداد الفطري للحفظ لدى البدوي حيث تجد شخصا يحمل في رأسه مكتبة متحركة فيها التاريخ والجغرافيا والاجتماع والسيرة والحديث وأخبار عنترة العبسي وأبي زيد الهلالي وما إلى ذلك من المعارف والعلوم.[8]

كتب الأستاذ/ أحمــــد خميس نـــوح الأزوادي


[1] أساس البلاغة للزمخشري ، ومختار الصحاح للرازي ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة ثقف.

[2] د. مفرح بن سليمان القوسي ، تعريف الثقافة الإسلامية ، موقع شبكة الألوكة

[3] المصدر السابق

[4] معلمة الإسلام . ص 225

[5] د. رجب سعيد شهوان ، دراسات في الثقافة الإسلامية ص 11-12

[6] المصدر السابق ص 12

[7] الهقار ، امجاد وانجاد ص 58

[8] المصدر السابق

قراءة 11379 مرات
المزيد في هذه الفئة : قصة قصيرة من قصص الطوارق »